بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

   الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على اشرفِ الانبياءِوالمرسلينَ وعلى آلهِ الطيبينَ الطاهرينَ وصحبهِ المنتجبينَ..

معالي السيدِ وزيرِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ المحترم

الضيوفُ الكرامُ

الاساتذةُ المشاركونُ

الحاضرونَ جميعاً ..السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ

   نرحبُ بحضراتكم  في هذا المؤتمرِ العلميِّ الذي يقيمهُ مركزُنا مركزُ التخطيطِ الحضريِّ والاقليميِّ للدراساتِ العليا في جامعةِ بغدادَ ، ولقد شَرُفنا بحضوركم   وسُررنا بمقدَمِكم فحللتم اهلاً ونزلتم سهلاً ومرحباً بكم بكلِّ خطوةٍ خطوتموها.

   ايها الاخوةُ الكرامُ .. انَّ الرُّقيَّ العلميَّ هوَ التعبيرُ الامثلُ عن عظيمِ المنزلةِ التي مُنِحَتْ للانسانِ ، ومازالُ هذا التعبيرُ يحتلُّ المكانةَ المحفوظةَ والمتعاليةَ ، ولمَّا كنَّا نَصْدُرُ عن عقيدةٍ راسخةٍ بهذا المبدأِ، فلا نحيدُ عن انجازِ ترجمانِ هذا المعتقدِ  في السلوكِ العمليِّ الذي يُحاكي ما دَقَّ اوكَبُرَ من تفصيلاتٍ مُستَمَدَّةٍ من ذاكَ المنطلَقِ ؛ فنحققُ المسؤوليةَ العامَّةَ التي تتآزرُ ساعتئذٍ معَ الباعثِ .

   ولمَّا كانَ التقدُّمُ العلميُّ ذا مصاديقَ غيرِ مُقيَّدةٍ في الميدانِ ، فقد اضحى النَّتاجُ الناطقُ أثراً من آثارِ العلمِوم عطياتِهِ ، ومكسَبَاً يُذكِي جذوةَ الحراكِ الولودِ في هذا الاطارِ .

   وهذا المؤتمرُ تجسيدٌ لذلكَ المنطلقِ يعززُ كونَ مؤسساتنا العلمية في وطنِنا الحبيبِ ومنها مركزنا صُرحاً منيرة ، ومثابةً خليقةً بالقَصْدِ ، وموئِلاً يؤمُّهُ أولوا الابداعِ والبحثِ من الاساتذةِ والعلماءِ والباحثينَ ، إذ يلتقونَ عندَ هذا المنبرِ تحتَ ظُلَّةٍ شريفةٍ ، ويأخذُ بعضُهم بيدِ بعضٍ في هذا المَرقى السَّامي .

حيث تلتقى الفكرةِ الاصيلةِ ، ويتجسدُ الابداعُ العلمي المَكِينُ الناهضُ على مقوماتٍ راسخةٍ، في محفلٍ علميٍّ يَصِلُ الامسَ الخالدَ بالغدِ المشرقِ عبرَ حاضرٍ زَخَّارٍ بمايدعو الى الفخرِ والاعتزازِ ، ولا سيَّما في هذا الظرفِ الذي تحطَّمتْ فيهِ أعتى هجماتِ التخلفِ والانحطاطِ المتمثلِ بالارهابِ الذي تصدَّى لهُ وطننا في ملحمةٍ نلنا بها الظَّفرَ وكانَ في طليعةِ مَن حملَ الرايةَ الشهداءُ من علمائِنا واساتذتِنا وطلبتِنا.

   ايها السادةُ الافاضلُ … لا ريبَ في انَّ جودةَ التخطيطِ عامةً مطلَبٌ شريفٌ وهدفٌ حريٌّ بالعنايةِ وبذلِ اقصى الجهودِ المرتكزةِ على المعطياتِ العامةِ في جوانبِ التقانةِ والممارسةِ الناجحةِ والتنظيرِ الصائبِ المستوفي للمقدماتِ الضروريةِ في هذا الاتجاهِ، وضمن نسقٍ مشتركٍ ماثلٍ بوصفهِ حاجةً انسانيةً عامةً وجزءً مما تقتضيهِ الحياةُ.

لانَّ التخطيطَ ضرورةٌ مؤكَّدةٌ في مجملِ النشاطِ بلحاظِ ما يجبُ انْ تكونَ عليهِ الاسسُ المتوافرةُ وبلحاظ النتائجِ المتواخاةِ ضمنَ المنظومةِ الاستراتيجيةِ الواعيةِ التي تتقومُ بالتحليلِ الدقيقِ للاسبابِ والمشكلاتِ والنتائجِ والتي تركّزُ على المفاصلِ الدقيقةِ في الاداءِ وهي تتخذُ وجهةً هادفةً ومستقيمةً ونقيةً في سلّمِا لتطورِ في شكلِ ممارسةٍ جادةٍ للخبراتِ العامةِ والتجاربِ في ادقِّ جزئياتِها .

  فضلاً عن هذا فانَّ التخطيطَ مثابةٌ في  منظومتِنا الثقافيةِ التاريخيةِ.

 وتلحُّ بالظهورِ والحظورِ في هذا الوقتِ قضيةٌ كبرى هي ادارةُ الاراضي في العراقِ ، ولمَّا كانَ هذا الامرُ جزءً من القضيةِ نفسِها في اطارها العربيِّ والاقليميِّ والعالميِّ فقد باتَ لزاماً ان تنالَ الصدارةَ فيما يجبُ انْ يُدرسَ دراسةً معمّقةً ، وانْ تحظى بأعلى درجاتِ الاتقانِ في التخطيطِ الحضريّ ، لانّها في لُبابِ العمليةِ البنائيةِ التي تكشفُ عن قدرةٍ في هذا الميدانِ  في مستوياتِها ومواقعِها المختلفةِ ، كما انَّ التخطيطَ لها يتيحُ خلقَِ  مواصفاتٍ عاليةٍ في جميعِ الميادينِ والانشطةِ الحياتيةِ نظراً لتعالُق جزئياتِ الموضوعِ وتشعباتهِ على المستوى العمرانيِّ والاقتصاديِّ والبيئيِّ ، وهذا من دونِ شكٍّ يلبّي  احتياجاتِ التنميةِ في المجتمعِ طبقاً لِمَا يُحدَّدُمن أهدافٍ ومزاياً ينبغي أن تُراعى في التخطيطِ الشاملِ في الحياةِ  .  

    كما اننا على درايةٍ منانَّ الاسسَ القويمةَ لأيِّ بناءٍ تعطي عمراناً قويماً ، وكلَّما تراصَّتِ الاسسُ، شُيِّدَ البناءُ قوياً لا تؤثرُ فيهِ العواملُ التي من شأنِها انْ تجعلَ منهُواهناً متداعياً ذا عمرٍ قصيرٍ ولا يتحلّى بالصمودِ إزاءَ اسبابِ التآكلِ والانهيارِ .

ايها السادةالاكارم ..

  تمثِّلُ البيئةُ اليومَ قضيةً مصيريةً في الحياةِ تتمحورُ من حولِها أضربٌ شتَّى منَ الاهتمامِ بحسبِ مشاربِ حضورِها ، إذ تظهرُ جليةً في الميدانِ السياسيِّ مثلما تطالعُنا بالقَدْرِِ نفسهِ من الاهميةِ في الجانبِ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ والعلميِّ، ولا مناصَ من الاذعانِ الى الضرورةِ القصوى التي تتحلَّى بها البيئةُ معَ اوجهِ العنايةِ التي تتصلُ بحياةِ الانسانِ على هذا الكوكبِ بوصفهِ قائدَ الحياةِ ورمزَها الامثلَ والمدارَ المعوَّلَ عليهِ في حفظِ الايجابيِّ منذُ انْكانَ .

    فالبيئةُ اليومَ وزانُ رقيِ الاممِ وتحضرها ،وهيَ بعدُ وزانُ الوعيِ في مسماهُ النظريِّ ، وفي مصاديقهِ العمليةِ في انجازاتِ الشعوبِ ، وعلى مستوى التنفيذِ في شكلِ سياساتِ الحكوماتِ والمؤسساتِ العامةِ.

 ولمّا كانتِ الارضُ بكلِّ ما فيها من اهمِّ المواردِ فقد صارتْ العنايةُ بها جزءً من المسؤوليةِ ازاءَها لانَّ الانسانَ اولُمَن يفيدُ منه على الرغمِ من انهُ أولُ وابرزُ مَن سببَ مشكلاتِها وغيَّرَ طبيعتَها واستهلكَ عناصرَها ، وقد جنى الانسانُ النتائجَ السلبيةَ لذاكَ الاستغلالِ غيرِ المدروسِ فباتَ يعاني وبالَ ما زرعتْ يداهُ ؛ لذا تأتي اهميةُ مثلِ هذهِ المحافلِ لتعيدَ التوازنَ بينَ الانسانِ والارضِ وتجعلهُ في علاقةٍ ايجابيةٍ معها .

ولمَّا كانَ المآلُ في الحراكِ اليومَ هوَ العلمُ فإنَّ انعقادَ هذا الملتقى في مركزِنا اسهامٌ مشرِّفٌ، يفتحُ آفاقاً جديدةً حولَ تلكَ القضيةِ الرئيسةِ، فضلاً عن انَّهُ يمثلُ انجازاً متقدماً لعلمائِنا واساتذتِنا من العراقِ ومن البلدانِ العربيةِ في عمليةِالبناءِ الكبرى لانّها تعتمدُ في سبيلِ ذلكَ على استراتيجياتٍ ورؤًى متحركةٍ ودائبةٍ تنسجمُ مع مقتضياتِ نهضةِ المجتمعِ وتطورهِ عن طريقِ الاتصالِ بنبضهِ وقضاياهُ ومشكلاتهِ عبرَ تعالقها المباشرِ بقنواتِ التقدمِ العالميِّ .

ايها الاخوةُالكرامُ لا شكَّ في انَّ المحافلَ والندواتِ العلميةَ جزءٌ منَ العملِ المتكاملِومن اهمِّ مظاهرهِ في دائرةِ التخطيطِ المتقنِ الذي لا مناصَ من ان يتوافُر  في كلِّ عملٍ عالٍ ومتقدمٍ يشغلُ مساحةً واسعةً تمتدُ بينَ بعدينِ مهمين  هما حجمُ المنجزِالذي يمثلُ الاسسَ الثابتةَ ، والمُستَهدَفُ منَ عمليةِ الانجازِ الذي يمثلُ التقدمَ في الوعيِ والتخطيطِ والعملِ الممسكِ بعرى التَّحوُّلِ الايجابيِّ نحوَ ماهو الامثلُ والارقى في مسيرةِ البناءِ.

   ولقد بذلنا في سبيلِ نجاحِ هذا المؤتمرِ أقصى جهدٍ ودأبٍ  ميممينَ نحوَ الاهدافِ  التي تفيض بنا الى الاسهامِ المحمودِ في المسيرةِ نحوَ التقدمِ والبناءِ ، فضلاً عن المشاركةِ المرموقةِ في الحركةِ العلميةِ الوطنيةِ والعالميةِ .

    أيُّها السادةُ الكرامُ….

   ويهمُّنا في هذهِ المناسبةِ أنْ نؤكِّدَ حرصَنا على المكاسبِ التي تحققت ْعلى مستوى التعليمِ العالي ، بما لا يَدَعُ فُسحةً لأنْ تتراخى قبضةُ الحرصِ حولَ عُرى المنجزِ الرشيدِ ، في سيرورتهِ من نجاحٍ الى نجاحٍ ، بصرفِ النظرِ عمَّا قد يعتري الحالَ من بعضِ ما يُعدُّ مدعاةً للاعتبارِ والاتعاظِ وغِنَى التجربةِ،  بالمقاييسِ الموضوعيةِ، إذ المصلحةُ العامَّة ُهيَ المآلُ ، وهيَ الشاخصُ والفيصلُ الذي نحتكِمُ اليهِ آخذينَ بنظرِ الاعتبارِ الظرفَ الذي نَزِنُ بهِ حجمَ المنجزِ وقيمةَ النجاحِ .

وقد تجسدَ المنجزُ المشارُ اليهِ بمعالي السيدِ وزيرِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميّ الاستاذِِعليٍّ الاديبِ ؛ لأنَّنا نشهدُ لهُ بالاصابةِ في القرارِ ، والدِّقةِ في الادارةِ،  والنجاحِ في تنفيذِ المسؤوليةِ، والقدرةِ على النهوضِ بالمطالبِة والحرصِ على التخطيطِ والمنجزاتِ العلميةِ .

ويهمني ايضا ان اشيدَ باثرِ وزارةِ الثقافةِ التي اسهمتْ في هذا المؤتمرِ اسهاماً رائداً بوصفهِ جزء ًمن مشروعها الوطنيِّ الكبيرِ الذي كُرِّسَ لبغدادَ عاصمةِ الثقافةِ على مرِّ العصورِ . كما يهمني ايضاً ان اشيد بدور الوزارات الداعمة لهذا المؤتمر متمثلة بوزارة التخطيط ،وزارة البلديات والاشغال العامة ، والبيئة . لما قدموه من جهد ودعم .

             فباركَ اللهُ بجهودِ الجميعِ والسلامُ عليكم 

Comments are disabled.